غسل الجنابة بعيدا عن التعقيد طبقا لفتاوي اية الله العظمى السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر (قدس)
بقلم هادي الدنيناوي
المقدمة:
بسمه تعالى وبه نستعين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين المبعوث رحمة للعالمين وعلى اله الطيبين الطاهرين أعلام التقى وأعلام الدين واللعن الدائم على اعدائهم الى قيام يوم الدين وبعد...
ان مسائل غسل الجنابة تملأ الرسائل العملية للفقهاء ، ولكن ولحد الان هناك الكثير من الناس لا يعرفون كيفية الغسل الصحيح أما لعدم اطلاعهم على الرسائل العملية او لعدم فهم لغة الرسائل الصعبة او لانهم يسألون من ليس اهلا للأجابة.
فبعد التوكل على الله تعالى قررت ان اوضح مسائل هذا الغسل بشيء من السهولة بعيدا عن لغة الفتوى التي لا يفهمها العامي مستعملا الشرح بلغة العرف بألفاض بسيطة لكي يصل نص الفتوى بمعناه للمكلف.
وكان سبب اقدامي على هذا هو انني كنت مدعوا عند احد الاخوان مع جماعة من المؤمنين فدارت بيننا مناظرة بالاسئلة العامة بعد ان انقسمنا فريقين ثم كان ضمن الاسئلة الموجهة الى فريقنا سؤال كيفية غسل الجنابــــــة فعندها اجبهم عن سؤالهم بشيء من التفاصيل فرأيت الغرابة على وجوههم لأن غسلهم كان على خلاف الواقع بل اتضح لي ان 90% منهم كان غسلهم باطلا لعدة سنوات فقلت لهم اغتسلوا هذه الليلة واعيدوا صلواتكم لان الصلاة لا تصح الا عن طهارة.
لذا بعد التوكل على الله تعالى اردت توضيح ما يحتاجه المكلف عند الغسل مختصرا على محل الابتلاء للمكلف والله تعالى من وراء القصد.
متى نسمي الشخص مجنبا؟
نسمي الشخص مجنبا اذا وجد احد السببين الاتيين:
السبب الأول:خروج المني (وهو السائل المنوي الذي يخرج من الرجل الذكر) سواء خرج بعملية الجماع الجنسي والأستحلام أو بأي طريقة اخرى فاذا عرف الشخص ان الخارج منه مادة المني وجب عليه الاغتسال واذا لم يعرف المادة الخارجة منه فيرجع الا علامات معرفة المني وهي:
(1) الشهوة اي ان خروج السائل يكون مصاحبا للذة.
(2) ان يكون خروج السائل بدفق أي خروجه بسرعة وقوة.
(3) فتور الجسد وهو ارتخاء عضلات الجسم جميعا.
وهذه العلامات تشمل كل مكلف ذكر فاذا خرج منه سائل ولم يعرفه مع وجود هذه العلامات الثلاثة فيحكم عليه انه مني فيجب الغسل منه.
أما الشخص المريض فله علامتان هما فتور الجسد والشهوة فقط فاذا خرج من المريض سائل ولم يعرفه ولم يكن خروجه بدفق وقوة بل كان بشهوة وفتور الجسد حكمنا عليه بانه مني فيجب الغسل منه.
مسألة: اذا احست المرأة اثناء المداعبة مع الرجل مثلا بخروج سائل أي (أنزلت سائلا) وسواء كان خروجه بشهوة أو بدون شهوة بشرط عدم دخول العضو الذكري بها أي ( كان نزول السائل منها بالمداعبة فقط أو غيرها بدون دخول ) ففي هذه الحالة لا يجب عليها غسل الجنابة. واذا انزلت بهذه الطريقة مع الشهوة وفتور الجسد فالأحوط استحبابا لها ان تغتسل والاحتياط الاستحبابي يجوز تركه اي انه لا يجب عليها الغسل فاذا غسلت على نحو الاستحباب ضمت اليه الوضوء اذا كانت قبل الانزال على غير وضوء.
السبب الثاني: الجماع وهو دخول حشفة العضو الذكري كلها في فرج المرأة سواء كان الدخول في القبل ام في الدبر والمهم هو دخول الحشفة فقط حتى لو لم ينزل السائل المنوي أي (ان العلامة الاولى للجنابة غير متحققة وهي الانزال).
والحقيقة ان كثير من الناس لا يغتسلون من الجنابة ولا يرتبون اثارها اذا دخلوا بزوجاتهم بدون انزال وهذا من الفهم الخاطئ لان الجنابة كما قلنا سببها اما الانزال وحده او الادخال وحده واذا حصل الادخال والانزال فان الجنابة ترتبت اثارها بسبب الادخال لا اننا ننتظر الانزال حتى نقول اجنب الشخص فعلى سبيل الفرض لو ان شخصا في خلوة مع زوجته وحصل بينهما أمر الجماع ولكن قبل ان ينزل المني طرق باب الدار فقام الزوج الى الباب ثم بعد عودته نام هو وزوجته وعند صلاة الصبح لم يغتسل الزوج ولا الزوجة فاذا صليا فصلاتهما باطلة لانه يجب ان يغتسل المجنب من الجنابة اذا تحققت بالادخال وان كان بدون انزال ويجب ان يكون الغسل على الفاعل والمفعول به أي على الزوج والزوجة.
اما اذا ادخل بعض الحشفة لا كلها فانه يحتاط بالجمع بين الغسل والوضوء للفاعل والمفعول به اذا لم يكونا على وضوء قبل الادخال.
مسائل:
الأولى:الحكم السابق وهو الجماع(الادخال بانزال المني أو بعدم انزال) يكون الشخص به مجنبا سواء كان صغيرا لم يبلغ ام كبيرا وسواء كان عاقلا ام مجنونا وكذلك الذي لم يقصد الادخال ودخل وحتى اذا كان الشخص المفعول به ميتا فالحي يحكم عليه بالجنابة وحتى الذي وطء الحيوان يجب عليه الغسل على نحو الاحتياط الوجوبي أي انه لا يجوز تركه وواطئ الميت والبهيمة(1) (((تجدر الاشارة الى ان وطء الميت او البهيمة من الأمور المحرمة بشدة في الشرع الاسلامي ونحن هنا لسنا في صدد تبيان حكمها الشرعي,ولكن اذا ما حصل وارتكب شخص هذا الفعل المحرم فحكمه من جهة الطهارة هو الجنابة))) يضمان الوضوء للغسل على الاحوط استحبابا أي يجوز ترك الوضوء.
الثانية: اذا احس الشخصان بأن المني تحرك كما في الاستحلام أو بغير الاستحلام(2) (كالمداعبة او ممارسة العادة السرية حراما) ولكن المني لم يخرج الى الخارج او ان الشخص هو منع خروج المني فعلا فلا يجب عليه الغسل بشرط عدم الادخال.
الثالثة: اذا اراد الادخال بزوجته مثلا ثم شك هل حصل الدخول فعلا حتى يجب الغسل ام لم يحصل الدخول فمع هذا الشك لا يجب الغسل اذا لم ينزل.
واجبات غسل الجنابـــة:
أي ما هي الأمور التي يجب على المجنب أن يفعلها إذا أراد أن يغتسل عن جنابته و الكلام يشمل الرجل و المرأة ( ذكرت المرأة لانه البعض لا يعتبرها مجنبة اذا دخل بها الرجل في حال عدم حصول الشهوة و اللذة عندها و قد تقدم انها تكون مجنبة بمجرد دخول حشفة الذكر ) أثناء المواقعة و كل مجنب سواء بالادخال أو بالإنزال.
الأول: النية وهي القصد إلى الفعل أي المجنب يقصد ان سبب غسله هو الجنابة و سبب هذا القصد هو أمر الله تعالى، لانه تعالى أمر المجنب بالغسل سواء كان قصده التقرب الى الله تعالى أو سبب الحب لله أو رجاء ثواب الله أو خوف عقابه . ولا يجب على المجنب التلفظ بها بلسانه بل يحضر ذلك كله في قلبه ( أي ا نه على علم بانه يغتسل عن الجنابة ). فإذا دخل الحمام مثلا و اغتسل على احد طريقتي الغسل الآتيتين و لم يكن قد احضر النية و عند خروجه من الحمام سأله أحد لمذا اغتسلت؟ فأجاب لأنني مجنب فهذا يكفي في صحة غسله.
الثاني: غسل ظاهر البشرة كلها بالماء فلو بقى بقدر رأس الأبرة غير مغسول كان باطلاً وعلى هذا الشرط هناك عدة امور لم يلتفت اليها كثير من الناس و إغفالها يؤدي الى بطلان الغسل و منها:
1- يجب ان يزيل المجنب عن جسمه ما يكون مانعا من وصول الماء الى جسمه كالشخص الذي يعمل مثلا بالأصباغ التي تترك جرما على الجسم اذا اصابته و مثله الأثر الذي يتركه قلم الجاف إذا ترك جرما.
2- مما هو معلوم ان المرأة في يوم زفافها أو عرسها تضع أصباغ الزينة ( المكياج ) و كذلك صبغ الأظافر وهذه الأشياء مانعة عن وصول الماء للبشرة فيجب الالتفات الى ازالتها قبل البدء بالغسل.
3- يجب تخليل ما لا يصل الماء معه الى البشرة الا بالتخليل أي اذا اغتسل الجنب و غسل رأسه فانه يجب عليه ايصال الماء الى بشرة الرأس.
4- يجب غسل الشعر ايضا و لكن اذا كان خارجا عن الحد المعروف لا يجب غسل الزائد مثل المرأة التي طول شعرها مثلا اكثر من متر أو حتى المتر نفسه بحيث ان المتر و الأكثر أو حتى الأقل غير متعارف فعندها تغسل ما كان متعارفا من شعر النساء و لا عبرة بالزائد.
5- يقول البعض انه عندما يغتسل الغسل الترتيبي الذي سيأتي ذكره و عند غسله للجانب الأيمن مثلا فانه لا يرفع رجله من الارض أي يبقي باطن القدم على الارض . ففي هذه الحالة اذا لم يصل الماء المغسول به ذلك الجانب إلى باطن القدم فالغسل باطل و الافضل رفع القدم عند غسلها لكي تتيقن من وصول الماء اليها.
6-يقول البعض انه عند غسله عن الجنابة يصب الماء فقط على الجانب من دون الالتفات الى استيعابه بالماء و المفروض ان تحرز صحة الغسل فبعد ان تصب الماء على بدنك تمر عليه بيدك مسحا لاحراز تغطيته بالماء اما اذا احرزت تغطية بالماء بواسطة الصب فقط فلا اشكال في ذلك.
ملاحظــــة:
قلنا انه يجب غسل جميع البدن لكنه لا يجب غسل الباطن منه مثل داخل الانف و داخل الاذنين و يستحب (على نحو الاحتياط الاستحبابي أي يجوز تركه) غسل الشيء الذي نشك فيه هل هو من الظاهر او الباطن، و اما علمنا بان هذا الشي المشكوك فيه الان انه كان سابقا من الظاهر فعندها يجب غسله.
الثالث: يجب ان يكون الماء الذي تغتسل به عن الجنابة طاهرا أي ليس نجسا. بأي نجاسة. و ان يكون مباحا أي غير مغصوب و ان يباشر المجنب بنفسه بالغسل بدون مساعدة أحد إلا اذا كان مظطرا كأن يكون عاجزا عن المباشرة بالغسل بنفسه و كذلك يشترط عدم وجود مانع من استعمال الماء كالمرض مثلا كمن هو مريض و اذا استعمل الماء في الغسل فأنه يزداد عليه المرض فعندها ينتقل الى التيمم ( و سوف نذر كيفيته عن الغسل أي كيفية التيمم الذي هو بدل غسل الجنابة ) ويشترط طهارة الجسم قبل البدء بالغسل مثلا اذا كانت هناك نجاسة على العضو فيجب غسلها و تطهيرها قبل عملية الغسل. وكذلك يجب ان يكون الماء مطلقا اي ما يصح إطلاق لفظ الماء عليه و عكسه الماء المضاف الذي لا يصح لفظ الماء عليه كالماء الذي سقط فيه لون أحمر مثلا فهو ماء ملون لا ماء و أيضا مثل عصير الفواكه. ومما تجدر الاشارة اليه ان بعض المؤمنين أيدهم الله تعالى قبل ان يغتسل عن الجنابة فانه يغسل للنظافة فيضع الصابون على راسه و بدنه و بعد ان يمتلأ بدنه برغوة الصابون يصب الماء على بدنه بنية غسل الجنابة و الاشكال هنا انه عندما تصب الماء مثلا على الجانب الايمن فأذا كان الماء مطلقا فانه سوف يتحول الى مضاف عند وصوله الى باقي اطرافه الجانب نفسه كالقدم مثلا و هذا محل اشكال لانه يجب غسل البدن بالماء المطلق و الافضل بعد ازالة الصابون ابدأ بغسلك للجنابة أي الافضل الفصل بين غسل النظافة مع الصابون و بين غسل الجنابة.
الرابع: الإتيان بالغسل يكون على كيفيتين اي ان غسل الحنابة له صورتان و هما الترتيب و الارتماس و الكلام عن الترتيب ثم عن الارتماس.
الاول: الترتيب أو الغسل الترتيبي وهو أن يغسل المجنب سواء كان رجلا أو امرأة بدنه على الاساس التالي:
أولاً: غسل الرأس بتمامه مع العنق أي الرقبة وكما قلنا يجب أن يصل الماء الى بشرة الرأس وهو ما يسمى بالتخليل بحيث لا يبقى جزء من الشعر وبشرته و الوجه و الرقبة الا و قد وصل اليه الماء.
ثانيا: غسل تمام الجانب الايمن من الجسم ابتداءا من الكتف و انتهاءا بالقدم اليمنى وكذلك اليد اليمنى أي يغسل نصف جسمه الايمن باجمعه بحيث يصل الماء لجميع اعضاء النصف الايمن مع ادخاله العورتين أي القبل و الدبر.
ثالثا: غسل الجانب الايسر كما مر في الجانب الايمن.
بعض النقاط المهمة في الغسل الترتيبـــي:
الاولى: لا يجوز مخالفة الترتيب المذكور فلا يجوز مثلا غسل النصف الايمن قبل الرأس و العنق و لا غسل الجانب الايسر قبل الجانب الايمن فاذا غسله على هذه الطريقة فالغسل باطل.
الثانية: لا بد من ان يغسل شيئا من الجانب الايسر عند غسله الجانب الايمن وهذا ما يسمى بالمقدمة العلمية وهكذا عند غسل كل عضو ندخل شيء من العضو الاخر.
الثالثة: مما هو شائع عند البعض ان غسل الجنابة الترتيبي يكون بثلاثة طوس(جمع طاسة) للرأس و ثلاث أخرى للنصف الايمن و ثلاثة للنصف الايسر أيضا و هذا لم نجده في رسائل العلماء المعاصرين ثم لو كان الغسل بهذه الطاسة فكم هي سعتها و حجمها و هل هي كبيرة ام صغيرة ثم اذا لم يكفِ ماء الطوس الثلاث لتغطية الجانب الايمن مثلا فكيف نصنع؟ هل نأخذ طاسة من طوس الجانب الايسر؟ وهذا من الفهم الخاطئ. اما الثلاث فهو البدن يقسم بالغسل الى ثلاثة اجزاء وهي الرأس و العنق ثم النصف الايمن ثم النصف الايسر و سواء اغتسلت بطاسة واحدة أو حتى نصف طاسة أو قدح ماء او برميل من الماء أو مائة طاسة فالغسل صحيح بشرط وصول الماء الى كل البدن فالمهم هو استيلاء الماء على البدن سواء حصل بطاسة أو ببرميل من الماء ولا نعتقد ان ثلاث طوس كافية لتغطية كل البدن فضلا عن الواحدة او الاثنين فلك الغسل بأي كمية من الماء تغطي البدن.
الرابعة: البعض يسأل هل يجوز أن استخدم الليفة و الصابون و أغسل و أنظف بدني قبل غسل الجنابـــة؟
الجواب: يجوز ذلك و غسل الجنابـــة صحيح و إن كان الجسم مبلل لكن يجب أن يصل الماء الذي نويت به الاغتسال عن الجنابة الى كل البدن بحيث انه لا يبقى جزء من الجسم لم يصل اليه ماء الجنابـــة لإنك اعتمدت على بلل الماء الاول و هو ماء النظافة أما اذا اغتسلت عن الجنابة و الصابون موجود على بدنك فيجب ان تراعي اطلاق الماء و اظافته كما مر و الأفضل الفصل بين الغسل بالصابون و بين الغسل للجنابة كما تقدم.
الخامسة: بعد ان تنتهي مثلاً من غسل احد الاعضاء كالرأس أو الجانب الايمن مثلا يستحب أن تمر عليه بيدك أي تمسح العضو بعد غسله حتى تتيقن بوصول الماء إليه.
الثاني: الارتماس أو الغسل الارتماسي: و هو تغطية جميع البدن في الماء تغطية واحدة أي يدخل جميع بدنه أو يغطس بدنه في داخل الماء دفعة واحدة بحيث يغسل تمام البدن بهذه الغطسة مع وجود النية.
و إذا كان الشخص واقفا في وسط الماء و أراد الغطس بنية غسل الجنابة فيجب عليه اثناء الغطس أن يرفع رجليه من الماء. ويقول سماحته الاحوط للمجنب أن يخرج من الماء ثم يدخل فيه بنية الغسل للجنابة أي أنه يرمي نفسه داخل الماء مع النية فاذا دخل جسمه كله جدد النية اي انه اثناء دخوله في الماء ينوي غسل الجنابة ثم اذا استقر مغمورا في الماء جدد نية غسل الجنابة و هذا الاحتياط واجب لا يترك.
بعض النقاط المهمة في الغسل الارتماسي:
الاولى: الاحوط استحبابا للذي يغسل بالارتماس عن الجنابة اذا دخل تحت الماء أن يحرك بدنه تحريكا قليلا تحت الماء (و هذا الاحتياط يجوز تركه).
الثانية: الاحوط استحبابا له أثناء تحريك البدن تجديد النية (و هذا الاحتياط يجوز تركه)
الثالثة: الغسل الترتيبي أفضل و أحوط استحبابا من الغسل الارتماسي.
الرابعة: يجوز الارتماس في الماء القليل الذي هو دون الكر ( 400 ) كيلو اذا كان يستوعب الجسم.
بشرط زوال عين النجاسة حتى لا يتنجس الماء القليل.
الخامسة: الغسل الترتيبي صحيح و جائز اذا استخدم المجنب في غسله ما يسمى (بالدوش) أي لو اغتسل تحت الدوش فيكون غسله صحيح.
المكروهات في حالة الجنابة:
هناك تعض الامور مكروه فعلها من قبل المجنب و هي:
1. الأكل و الشرب: أي إذا كان الشخص مجنباً فيكره له ان يأكل أو يشرب قبل ان يغتسل أم يتمضمض أو يستنشق أي أن الكراهة تزول عن الاكل و الشرب اذا توضأ أو تمضمض أو استنشق.
2. يكره قراءة أكثر من سبع آيات من القرآن (و الكراهة لغير سورة العزائم) و هي (السجدة،فصلت،العلق،النجم) اما سور العزائم فيحرم قراءتها من قبل المجنب.
3. يكره لمس غلاف القرآن الكريم و أوراقه أما كلماته فيحرم لمسها كما سيأتي في باب الأشياء المحرمة على المجنب.
4. يكره لمس الآيات و الأسماء الحسنى إذا كانت مكتوبة في غير القرآن. كأن تكون مكتوبة على ورقة.
5. يكره للمجنب أن ينام قبل أن يغتسل من الجنابة و لكنه اذا توضأ او تيمم بدل الغسل و نام فلا كراهة مع العلم انه يجب عليه الاغتسال بعد النوم بالماء(1) (لان هذا الوضوء الذي هو بدل الغسل او التيمم الذي بدل الغسل لم يكن الاتيان بهما لرفع الجنابة بل لرفع الكراهة مع النوم) اذا وجد.
ملاحظــة:
المكروه يجوز فعله و لا حرمة في فعله.
المستحبات قبل غسل الجنابة:
1. غسل اليدين من المرفق ثلاث مرات.
2. المضمضة ثلاث مرات.
3. الاستنشاق ثلاث مرات.
4. إمرار اليد على ما تناله من الجسد في الغسل الترتيبي خاصة أي مسح الجسم باليد بعد صب الماء عليه.
5. ينبغي التأكد من ان الماء يصل تحت الخاتم و الحلقة اذا كان الشخص يلبسها لأنهما قد يكونا ضيقين فلا يصل الماء و الأفضل نزعهما.
6. يستحب للرجل قبل الشروع بالغسل أي قبل ان يغتسل عن الجنابة ان يتبول و هذا ما يسمى بالاستبراء بالبول من المني أي ان يتخلص من المني الباقي في العضو بواسطة دفعه بالبول.
7. يستحب قبل الغسل و بعد التبول ان يفعل الخرطات التسع (وهي ان يمسح على بدنه من المقعد الى مكان اتصال العضو ببدنه ثلاث مرات ثم من أصل القضيب أي اتصاله بالبدن إلى رأس الحشفة يمسح ثلاث مرات أيضاً ثم يعصر الحشفة ثلاث مرات) وهكذا فائدته إخراج ما تبقى من القطرات من البول داخل القضيب و سوف يذكر فائدة الاستبراء بعد أحكام الجنابة.
الأمور التي تحرم على المجنب:
تحرم على المجنب امور هي:
1. الصلاة ما عدى الصلاة على الميت فلا تشترط فيها الطهارة, و كذلك يحرم الاتيان بالجزء المنسي من الصلاة حال الجنابة حتى سجود السهو لا يكون الا عن طهارة.
2. الطواف الواجب بالإحرام (خاص بأفعال الحج).
3. الصوم على تفصيل يأتي ان شاء الله تعلى أي يبطل صوم المجنب.
4.لمس كتابة المصحف الشريف و لقد قلنا بكراهة لمس الغلاف و الأوراق أما نفس الكتاب فحرام على المجنب لمسها.
5. الدخول في المساجد و البقاء فيها حرام على المجنب و يجوز للمجنب الدخول من باب و الخروج من باب آخر للمسجد دون المكث أما عن المسجدين الشريفين في مكة و المدينة المنورة فلا يجوز الدخول و لا البقاء و المرور من باب و الخروج و الخروج من آخر فيها.
6. يحرم قراءة آية السجدة و يقول السيد رحمه الله تعالى بل كل السورة حتى بعض البسملة المقصودة لها لا تجوز قراءتها و هي (حـم السجدة-فصلت-،والم السجدة-سورة السجدة-،والنجم و العلق)
ملاحظتـــان:
الأولى:لا فرق بين الحرمة في دخول المجنب للمسجد المعمور الذي يصلي فيه و بين الحرمة في دخول المسجد الخراب المهجور الذي لا يصلي فيه لخرابه.
الثانية: تلحق بالمساجد المشاهد المشرفة للمعصومين عليهم السلام في الحكم.
بعض الأحكام المتعلقة بغسل الجنابة:
1. غسل الجنابة يجزي عن الوضوء أي عندما يغتسل المجنب عن الجنابة فلا حاجة للوضوء بل انه يعتبر على طهارة بعد(الحدث الاكبر مثل الجنابة و الحيض أي الذي يوجب الغسل و الاصغر الذي يوجب الوضوء كخروج الريج و البول و النوم) الغسل من الحدث الأكبر و الأصغر.
2. لو أحدث بالأصغر أثناء الغسل كأن يكون قد خرج مه ريح أو تبول اثناء الغسل كأن يكون قد غسل الرأس و العنق ثم غسل الجانب الأيمن و قبل غسل الجانب الأيسر تبول فله طريقتان:
الأولى: ان يكمل الغسل اي غسل الجانب الأيسر حسب المثال أعلاه و لكن بشرط ان يتوضأ (أي الغسل في هذه الحالة لا يجزي عن الوضوء) بسبب الحدث الاصغر.
الثانية: حسب المثال أعلاه يقطع الغسل و يعيده من جديد ففي هذه الحالة يكون مجزيا عن الوضوء
3. اذا احدث بالأكبر أثناء غسله فهنا صورتان:
الأولى: ان يكون الحدث الثاني مماثلاً للأول كما لو كان الشخص مجنبا فغسل رأسه و رقبته و نصف الجسم الأيمن و قبل غسله النصف الأيسر أجنب ثانية فهذا حدث أكبر مماثلا للحجث الاول و هو الجنابة فعليه هنا ان يعيد الغسل من البداية و يجزيه عن الوضوء.
الثانية: ان يكون الحدث الثاني مخالفاً للأول كما لو كان الشخص قد مس مستاً فعليه غسل مس(1) (كيفية غسل المس مثل غسل الجنابـــة) الميت فعندما عن المس و غسل رأسه و رقبته و نصفها الأيمن و قبل غسل النصف الأيسر أجنب مثلا فالجنابة حدث مخالف لحدث المس ففي هذه الحالة يستطيع أكمال غسل المس بغسله الجانب الأيسر حسب فرض المسألة ثم يغتسل غسلاً آخراً عن الجنابة و هناك حالة أخرى بان يأتي بغسل واحد جديد بنية (الجنابة و المس) يجزيه عن الوضوء.
4. اذا شك المجنب في غسل رأسه و رقبته كأن يقول هو غسلت الرأس و الرقبة او لا؟ فإذا كان هذا الشك قبل دخوله في غسل بدنه فيجب عليه غسل الرأس و الرقبة و هذا ما يسمى بالاعتناء بالشك اما اذا كان شكه بعد دخوله في غسل البدن فلا يعتني بشكه أي يعتبر نفسه قد غسل رأيه و رقبته و يتم غسله أما إذا كان شكه في انه هل غسل الطرف الأيمن من الجسم ام لا فعندها يجب أن يعتني بالشك أي يجب أن يغسله سواء دخل في غسل النصف الأيسر ام لم يدخله.
فائدة الاستبراء:
الاستبراء المتقدم ذكره في المستحبات قبل غسل الجنابة ليس واجباً و شرطاً في صحة غسل الجنابة بل هو مفيد في غير هذه الجهة و ستعرف فائدته و هو مختص بالرجل دون النساء فلا استبراء على النساء و نستحب للمرأة قبل غسل الجنابة ان تتنحنح و تعصر فرجها عرضاً.
نشرح الآن في فائدة الاستبراء فنقول من المعلوم ان هناك مجموعة من السوائل تخرج من عضو التناسل الذكري و هي (البول،المني،المذي،الوذي،الودي).
فالبول و المني معروفان لدى كافة الناس تقريباً و اما الثلاثة الباقية فالكثير من الناس يجهلونها لذلك سنعطي معانيها:
1. (المذي) هو عبارة عن الرطوبة التي تخرج قفل المني اثناء مداعبة الزوجة مثلا و هذا واضح لكل متزوج و هو طاهر لا إشكال فيه أي لا يحتاج الى تطهير أو شطف الملابس منه و لا ينقض الوضوء.
2. (الوذي) هو الرطوبة الخارجة بعد خروج المني و لونه كلون المذي (شفاف كلون الماء لزج عديم الرائحة). و هو طاهر ايضاً.
3. (الودي) هو الرطوبة الخارجة بعد خروج البول و هو طاهر ايضاً.
ما هي علاقة هذه السوائل بالجنابــــة:
توجد عندنا عدة صور:
الصورة الأولى: اذا اراد الشخص مواقعة الزوجة و عند المداعبة خرج السائل المعروف بالمذي و لكنه لم يواقعها فهذا السائل طاهر لا يجب له الغسل و لا الوضوء و لا شطف الملابس.
الصورة الثانية: اذا واقع زوجته أي أجنب و خرج منه المني ثم اغتسل عن الجنابة قبل ان يتبول أي قبل الاستبراء ثم لبس ثيابه و خرج من الحمام ثم أحس بخروج رطوبــــة من العضو فإذا تيقن بان هذه الرطوبة (مني) أي ان عرف الرطوبة بأوصافها أو بأي طريقة بحيث قطعَ بانه مني فهنا يجب عليه إعادة الغسل و إذا لم يتيقن بانها مني بل شك هل انها مني أو غيره فهنا ايضاً تجب إعادة الغسل لانه لم يتبول(لم يستبرء) أي لم يطرد ما يحتمل بقائه من المني داخل القضيب. أما اذا كان عنده يقين بان هذه الرطوبه هي وذي و لم يصاحبه شيء من المني فلا شيء عليه.
الصورة الثالثة: اذا اجنب (وخرج منه المني) (1) (قد خرج منه المني للاشارة الى انها انزل سواء بالدخول ام بغيره) ثم تبول قبل الغسل أي استبراء بالبول من المني لكنه لم يستبرء بالخرطات من البول ثم اغتسل و بعد ذلك خرجت منه رطوبة مشتبها بين البول و المني ففي هذه الحالة نعتبرها بولا لعدم إتيانه الخرطات فيجب الوضوء فقط و تطهير الملابس التي لاقت الرطوبة و موضع القضيب و لا تجب إعادة الغسل.
الصورة الرابعة: اذا اجنب و خرج المني ثم تبول وَ تَخَرَطَ الخرطات التسع و بعد ان اغتسل خرجت رطوبة مشتبهة فلا شيء عليه و حكمها الطهارة.
الصورة الخامسة: اذا اجنب و خرج المني ثم استبرء بالبول من المني و بالخرطات من البول (تبول و تخرط) ثم خرجت الرطوبة بعد الغسل و فحص عنها فوجدها منياً أي انه قطع بانها مني فيجب عليه إعادة الغسل لان الاستبراء ينفع مع حال الشك لا مع اليقين.
الصورة السادسة: ليس لها علاقة بالجنابة لكن ذكرتها استطراد وهي لو تبول فقط و لم يستبرء بالخرطات ثم داعب زوجته أو فكر فيما يؤدي الى نزول المذي فأحسَ بخروج رطوبة فان عرفها يقينا انها مذي فلا كلام لكن اذا اشتبهت عليه فيحكم عليها بانها بول فيجب التطهير منها للعضو و ما لاقته من الملابس و كذلك يجب الوضوء اذا اراد عمل شيء يحتاج الى الوضوء و كما يجب مراعاة علامات المني لاحتمال كونه مني.
نصيحة: لقد اتضح فائدة الاستبراء فالافضل لك ايها الاخ المؤمن ان لا تترك الاستبراء حال الجنابة و لا حال التبول أي عدم ترك التبول و الخرطات و اذا لم يأتِ التبول فلا بأس في انتظاره بعض الوقت لضمان عدم اعادة الغسل مع الشك.
التيمم بدل الغسل: الاسباب التي تنقلنا من الوضوء و الغسل الى التيمم تجدها في منهج الصالحين ج1 بعنوان مسوغات التيمم و ليس المحل ذكرها لكن أشير الى كيفية التيمم بدل غسل الجنابة:
1. التيمم يكون بضرب الارض بكلتا يديه دفعة واحدة اي يكون الضرب باليدين معا بنفس الوقت فلا يجوز ضربهما على التعاقب ثم يجب نزع الخاتم أو ما شابه كالحلقة مثلا حتى اذا لم يكن ضيقا و يجب ان يكون الضرب بباطن اليدين و يستحب نفض اليدين بعد الضرب.
2. يمسح بيديه معا تمام الجبهة(1)(الجبهة هي الموضع المستوي على الوجه) و الجبين(2) (الجبين ما بين الجبهة و بين اطراف الحاجب الى قصاص الشعر) مبتدءا من قصاص الشعر و منتهيا بطرف الانف الأعلى مع مسح الحاجبين و يكون المسح من الأعلى الى الأسفل على الاحوط وجوباً (لا يجوز ترك هذا الاحتياط) و كذلك الاحتياط وجوباً ثبات الجزء الممسوح أي ان لا يتحرك الممسوح مع حركة الماسح.
3. يمسح تمام ظهر الكف الايمن من الزيد الى اطراف الاصابع بباطن الكف الايسر و يمسح تمام ظاهر الكف الأيسر من الزند أطراف الاصابع بباطن الكف الأيمن.
4. الأحوط استحباباً (يجوز ترك هذا الاحتياط) ضرب الأرض بعد ذلك باليدين معا ثم مسح الكفين فقط دون الوجه كما في رقم (3).
الجنابة في شهر رمضان: هذه بعض الاحكام التي لها علاقة بالجنابة أثناء الصوم فقد جاء في منهج الصالحين ج3 باب الصوم انه من المفطرات:
(تعمد البقاء على جنابة حتى يطلع الفجر من شهر رمضان و قضاءه اما في غيرهما من الصوم الواحب ففيه إشكال اما الصوم المنندوب فلا يقدح فيه ذلك).
إليك شرح الفتوى:
افترض ان احداً واقع زوجته ليلاً في أيام رمضان أو قضاء رمضان أو انه نام مبكراً فاستحلم و علم بجنابته فلم يغتسل عن الجنابة فنام و هو ناوٍ لترك الغسل فإذا طلع الفجر و هو على هذه الحالة من تعمد الإفطار فعليه القضاء و الكفارة في ايام رمضان أي اذا كان صومه لرمضان و اما اذا كان في قضاء رمضان فلا يصح منه الصوم و عليه إعادة ذلك اليوم.
أما اذا كان الشخص صائماً لواجب غير رمضان و قضائه مثل صوم النذر أو أقسَمَ أن يصوم يوما و تعمد البقاء على الجنابة في ذلك اليوم يقول السيد قدس سره ففي بطلان صومه إشكال(1) ( شرح قوله في الفتوى(فيه اشكال) ) أي الأقوى صحة صومه. اما اذا كان تعمد البقاء على الجنابة في صوم مندوب أي مستحب فلا شيء عليه و يتم صومه و يجزيه، لكنه يغتسل عن الجنابة طبعا لأجل الصلاة أو ما يشترط فيه الطهارة.
مسألة: اذا اجنب في ليل شهر رمضان و نسيَ جنابته فنام اي ان نومه لنسيان الجنابة بل اكرهه احد على ترك الغسل كالمحبوس مثلا فطلع عليه الفجر فهنا صومه صحيح و عليه الغسل فقط (للعمل الذي يشترط فيه الغسل كالصلاة) و كذلك الحكم اذا كان الصوم الواجب معيناً كصوم النذر (1) ( النذر المعين كقولك *لله علي صوم يوم الخميس المقبل* و غير المعين كقولك لله علي صوم يوم ) المعين. اما اذا وقعت هذه الحالة في قضاء رمضان ( يقول السيد قدس سره ) (فلا يصح معه الصوم على الاحوط استحباباً) أي ان صومه ايضا صحيح لكن يقضيه احتياطا استحبابا اي يجوز ترك هذا الاحتياط.
مسألة: اذا كان الشخص صائما سواء كان صومه في شهر رمضان أو قضاءه و سواء كان واجبا معيناً أو غير معين ثم نام في اثناء النهار فاستحلم ففي هذه الحالة لا يبطل صومه بل صومه صحيح.
مسألة: إذا اجنب عمدا ليلا في وقت لا يسع الغسل و لا التيمم و هو ملتفت الى ذلك فهو من تعمد البقاء على الجنابة و مثاله كأن يواقع زوجته مثلاً في الليل بحيث بقى لطلوع الفجر وقت لا يتمكن فيه من الغسل أو التيمم و هو يعلم بهذا فحكمه تعمد البقاء على الجنابة أي عليه القضاء و الكفارة.
مسألة: نفس المسألة السابقة لكنه يتمكن من التيمم فهنا يجب عليه التيمم و الصوم و يصح صومه و ان كان الاحوط القضاء أي استحباباً و يجوز ترك هذا الاحتياط. أما اذا ترك التيمم الذي كان متمكنا منه عمداً وجب عليه القضاء و الكفارة.
مسألة: إذا أجنب ليلاً في رمضان أو قضاءه أو الواجب المعين أو غير المعين و لكنه نسي غسل الجنابة ليوم أو لعدة أيام نسيانا فنومه صحيح و مجزي و الاحوط استحباباً القضاء (يجوز ترك الاحتياط).
مسألة: إذا اجنب و لكنه لا يتمكن من الغسل لمرض او لعدم وجدان الماء فيجب عليه التيمم قبل طلوع الفجر و إذا ترك التيمم متعمداً بطل صومه و عليه القضاء و الكفارة. و في حالة تيممه لا يجل عليه ان يبقى مستيقضاً الى طلوع الفجر ( يجوز ترك هذا الاحتياط).
مسألة: إذا ظن سعة الوقت للغسل فأجنب فبان الخلاف فلا شيء عليه مع المراعاة أي اذا ظن ان الوقت كافي لإيقاع الجماع و الغسل و كان قد راعى الوقت كأن يكون اعتمد على ظلمة الجو أو على ساعته فالمهم انه لم يهمل الوقت ومع كل هذا تبين له خلاف ذلك أي كانت جنابته بعد الفجر فلا شيء عليه و صومه صحيح لانه مراعي للوقت. اما لم يراعِ الوقت فالاحوط وجوباً القضاء (و هذا الاحتياط لا يجوز تركه).
نوم المجنب:
مسألة: (لا يعد النوم الذي احتلم فيه ليلا من النوم الأول بل إذا أفاق ثم نام كان نومه بعد الإفاقة هو النوم الأول) و شرح هذه المسألة هكذا: نام الشخص في ليل الصوم فاستحلم أثناء نومه ثم استيقظ من نومه فوجد نفسه مجنباً (لحد الآن ليس عندنا نوم أول) فإذا رجع و نام بعد علمه بجنابته فبعد استيقاظه من هذه النومة (تسمى هذه النومة الأولى) أي ان النوم الأول هو الذي يسبقه علم الجنابة.
مسألة: اذا اجنب في شهر رمضان ليلاً كأن يواقع زوجته ثم نام أو كان نائماً فاستحلم و علم بجنابته ثم نام و بقى نائما حتى طلع الفجر ففي هذه المسألة فرضان.
الفرض الأول: اذا كان نومه مع نية ترك الغسل أو اهمال منه للغسل كما اذا لم يعر أهمية للجنابة فهو من تعمد البقاء على الجنابة و عليه القضاء و الكفارة.
الفرض الثاني: أن يكون نومه مع نية الغسل أو نام لإنه غفل أو نسى الغسل ففي هذا الفرض صور.
الصورة الأولى: اذا كانت النومة التي نام فيها هي الأولى فنومه صحيح.
الصورة الثانية: اذا كانت نومته هي الثانية (المشار لها في المسألة) كان يكون واقع زوجته فهنا عنده علم بالجنابة فإذا نام و استيقظ و تذكر جنابته ثم نام و هو عازم على الغسل غير عازم على تركه و بقي نائماً حتى طلع الفجر فهنا يجب عليه القضاء فقط.
الصورة الثالثة: إذا كانت نومته هي الثالثة كما اذا اجنب و نام ناوياً للغسل فاستيقظ و تذكر الجنابة ثم نام غير عازم على ترك الغسل ثم استيقظ و تذكر جنابته ثم نام غير عازم لترك الغسل ثم استيقظ و تذكر جنابته ثم نام غير عازم لترك الغسل و بقى نائماً الى طلوع الفجر ففي هذه الحالة يجب القضاء. و الاحوط (1) (الاحتياط الاستحبابي يجوز تركه و الاحتياط الوجوبي لا يجوز تركه) استحبابا الكفارة ( و يجوز ترك هذا الاحتياط) و كذلك الاحوط استحباباً له ان يكفر في نومه الثاني و كذا في نومه الاول اذا كان غير معتاد الانتباه.
مسألة: اذا كان الصائم نائما في شهر رمضان فاستحلم في نومه ففي هذه الحالة لا يجب عليه ان يبادر الى الغسل و يجوز تأخير الغسل إلى أي وقت و لكنه يحتاج الى الغسل لغرض اداء الصلاة مثلاً أو أي شيء آخر تشترط فيه الطهارة و صومه صحيح و لا قضاء عليه.
مسألة: من المفطرات ايضاً تعمد إنزال المني نهاراً بفعل شيء يؤدي الى نزوله كالجماع أو الاستمناء أو كان الفعل سببا معتاداً لنزول المني كالمداعبة عند بعض الناس فإذا تعمد هذه الاسباب و نزل المني بطل صومه و عليه القضاء و الكفارة. اما اذا نزل المني بلا فعل شيء معين بل نزل لوحده مثلاً فصومه صحيح.
اما اذا تعمد الإنزال بفعل معين و لكنه لم ينزل فعليه القضاء فقط لأنه قصد المفطر.
مسألة: اذا داعب الصائم زوجته و لم يكن بقصد الإنزال و لا من عادته الإنزال بالمداعبة، و لكن سبقه المني و خرج منه فيجب عليه القضاء فقط على نحو الاحتياط الوجوبي (أي لا يجوز ترك القضاء) اما اذا كان الصائم واثقا متيقنا من نفسه انه لا ينزل بالمداعبة أبداً لكنه سبقه المني اتفاقا و خرج فلا قضاء عليه. فصومه صحيح.
مسألة: اذا نسي الصائم الصوم و واقع زوجته فصومه صحيح و لا قضاء.
مسألة: يكره للصائم ملامسة النساء و تقبيلها و مداعبتها اذا لم تكن هذه الأمور بقصد الإنزال اما اذا كانت بقصد الإنزال فعندنا فرضان:
الفرض الأول: اذا لم ينزل فعليه القضاء فقط لأنه قصد المفر.
الفرض الثاني: اذا انزل فعليه القضاء و الكفارة.
مسألة: اذا اكره الصائم زوجته الصائمة على الجماع في صوم شهر رمضان فالاحوط وجوباً ان عليه كفارتين و تعزيرتين ( لا يجوز ترك هذا الاحتياط ) و على زوجته القضاء. اما اذا اكرهت الزوجة زوجها على ذلك فالكفارتان و التعزيران عليها على نحو الاحتياط الاستحبابي أي يجوز لها ترك العمل بهذا الاحتياط.
مسألة: اذا كان الزوج مفطراً لعذر كالمرض او قدم من سفر افطر فيه فأكره زوجته الصائمة على الجماع فهنا لا يحتمل عنها الكفارة و لكنه آثم و لا كفارة على الزوجة بل عليها القضاء على نحو الاحتياط الوجوبي أي لا يجوز لها ترك الاحتياط.
قبل الختام:
قد يستصعب البعض منا أحكام الجنابة و كيفية الغسل بل ان استصعاب معرفة اي حكم يدل بشكل او بآخر على بعد المكلف من الحوزة و علمائها و طلابها فنرجوا من المؤمنين ان يكون اتصالهم بحوزتهم اتصالاً دائماً لا انقطاع له لكي يتعرفوا على ما ينفعهم و ما يضرهم و ليعززوا التدين الذي هم عليه و اليك ايها المؤمن اختصاراً شديداُ لغسل الجنابة و عليك مراعاة ما مر من الأحكام (إذا اجنبت فعليك أن تزيل عن بدنك و خاصة عن العضو النجاسة ثم بعد ذلك تذهب للاستبراء بالبول و بالخرطات أي تتبول و تتخرط الخرطات التسع. ثم تدخل الحمام لتغتسل فتحضر نية غسل الجنابة قربة لله تعالى و ان لم تنطق بها بلسانك فيكفي اخطارها في القلب ثم تغسل رأسك و رقبتك و شيء من الأكتاف و تتأكد من استيلاء الماء عليهما و وصوله إلى بشرة الرأس ثم اغسل النصف الايمن من بدنك نع العورتين مع شيء من النصف الايسر و مر بيدك على ما غسلته ليصل الماء يقيناً لكل النصف مع رفع للقدم اليمنى ليصل اليها ماء الغسل الواجب ثم اغسل النصف الايسر مع غسل العورتين و شيئاً من النصف الايمن مع رفع القدم اليسرى لوصول الماء اليها ثم مر بيدك على ما غسلته هذا مع مراعاة الاحكام السابقة تكون قد أصبحت طاهراً.
وقبل الختام هذه نصيحة أنا أولى بها منكم و هي (أسأل عن دينك حتى يقال عنك مجنون) فلا حياء في الدين و الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على أشرف الانبياء و المرسلين محمد و على آله الطاهرين نسأل الله تعالى إخلاص النية و سلامة الدين و ان ينفع بهذا الجهد البسيط المؤمنين.
هادي الدنيناوي
19 شعبان 1421
2000/11/16
[/size]